الأربعاء، 10 أبريل 2013

حفلات الموالد: حقيقتها، من أحدثها، حكمها -الجزء الثاني


الموالد ـ عباد الله ـ جمع مولِد، وهو من حيث المدلول والمعنى والحقيقة لا يختلف بين إقليم إسلامي وآخر وإن اختلفت التسمية، فتسمى في بلاد المغرب الأقصى: المواسم، وأهل المغرب الأوسط يسمونها: الزرد جمع زردة، فيقال: زردة سيدي أبي الحسن الشاذلي مثلاً، وأهل مصر والشام وبلدان الجزيرة العربية يسمونها: الموالد، فأهل مصر يقولون مثلاً: مولد السيدة زينب أو مولد السيد البدوي، ونحو ذلك، وربما سميت الحضرة لاعتقاد من يقيمها بحضور روح الولي فيها ولو بالعناية والبركة، أما أهل الباكستان وفي الهند فيسمونه: ميلاد.
وأما ما يجري فيها من أعمال فتختلف كيفًا وكما، بحسب وعي أهل الإقليم وفقرهم وغناهم، فالمولد النبوي الشريف عبارة عن اجتماعات في المساجد أو في بيوت الأغنياء، وربما استأجر القائمون عليه موقعًا عامًا كالفنادق وقصور الأفراح والاستراحات، وهي تبتدئ غالبًا من هلال ربيع الأول إلى اليوم الثاني عشر منه، وربما توسعوا في الزمان ليشمل شهر ربيع الأول كله، تُتْلى فيها جوانب من السيرة النبوية؛ كالنسب الشريف، وقصة المولد، وبعض الشمائل المحمدية الطاهرة الخَلْقية
والخُلُقية، مع جعل اليوم الثاني عشر من ربيع يوم عيد يوسع فيه على العيال وتعطل فيه المدارس والكتاتيب ويلعب فيه الأطفال ويلهون.
وربما توسّع بعض الجهات فأقاموا حفلة المولد عند وجود أية مناسبة من موت أو حياة أو تجدد حال؛ فتذبح الذبائح وتعد الأطعمة ويدعى الأقارب والأصدقاء وقليل من الفقراء، ثم يجلس الكل للاستماع، ويتقدم شاب حسن الصوت فينشد الأشعار ويترنم بالمدائح، وهم يرددون معه بعض الصلوات على النبي http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif، وتقرأ قصة المولد، إلى آخر ما هنالك من المظاهر، حتى إذا بلغ القارئ عبارة: "وولدته آمنة مختونًا" قام الجميع إجلالاً وتعظيمًا، ووقفوا دقائق في إجلال وإكبار تخيُّلاً منهم وضعَ آمنة لرسول الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif، ثم يؤتى بالمجامر وطيب البخور فيتطيب الكل، ثم تُدار كؤوس المشروبات فيشربون، وتقدّم قصاع الطعام فيأكلون ثم ينصرفون، وهم بهذا يعتقدون فعل قربةٍ حسنة يؤجرون عليها، بل ربما ظنَّ بعضهم واعتقد أنه غُفِر له ذنبه بحضور هذا الاحتفال حتى ولو كان يتخلف عن الصلاة ويقصِّر في أداء الفرائض والمكتوبات.
عباد الله، مما يجدر التنبيه إليه هنا أن جُلَّ القصائد والمدائح التي يتغنى بها في الموالد لا تخلو من ألفاظ الشرك وعبارات الغلو الذي نهى الرسول http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif عنه بقوله: ((لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، وإنما أنا عبد الله ورسولُه، فقولوا: عبد الله ورسوله)) رواه البخاري ومسلم.
كما يُختم الحفل بدعوات تحمل ألفاظ التوسلات المنكرة والكلمات الشركية المحرمة؛ لأن جُلَّ الحاضرين عوام أو غلاة في حب التوسلات الباطلة التي نهى عنها الشرع، كالسؤال بجاه فلان وحق فلان. والشيء الذي يجب أن يقال في هذا الصدد أن هناك قاسمًا مشتركًا بين المتحمسين لإقامة الموالد والساعين في الدعوة إليها، في الغالب يتمثل فيما يلي:
1- ذبح النذور والقرابين للسيد أو الولي المقام له الاحتفال، سواء كان الرسول http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif أو غيره.
2- اختلاط الرجال الأجانب والنساء الأجنبيات.
3- الرقص وضرب الدفوف والتزمير بالمزامير المختلفة.
4- إقامة الأسواق للبيع والشراء، وهذه الأسواق غير مقصودة لهذا الشيء نفسه، غير أن التجار يستغلون التجمعات الكبرى ويجلبون إليها بضائعهم لعرضها وبيعها.
5- دعاء الولي أو السيد والاستغاثةُ به والاستشفاع وطلبُ المدد، مما يتعذر الحصول عليه من رغائب وحاجات، وهو شرك أكبر.
6- سعي بعض الحكومات في الدول الإسلامية وغيرها على إقامة هذه المواسم وإعطائها التسهيلات التي تكفل لها القيام بها وإتمامها، وقد تسهم بشيء من المال واللحم والطعام ونحوها، حتى إن فرنسا النصرانية أيام استعمارها لبلدان المغرب العربي كانت تخفض تذاكر الإركاب بالقطارات أيام الموالد تشجيعًا منها لذلك، هذا في الوقت الذي يجد فيه المسلمون عنتًا ومشقة عند ممارستهم لشعائرهم الدينية.

0 التعليقات:

إرسال تعليق